- قانون الإنعاش الاقتصادي: حكومة المشيشي تكسرُ بيضةَ الخوف! ratEREsc خميس, 07/15/2021 - 10:21
- هل وافق قيس سعيّد على تحويل تونس إلى مصبّ قمامة لأوروبا! ratEREsc خميس, 06/17/2021 - 08:17
تقديرموقف

نجحت حكومة هشام المشيشي، يوم الاثنين الماضي، في انتزاع مصادقة مجلس نواب الشعب على خطتها الاقتصادية الجديدة الموسومة بـقانون الإنعاش الاقتصادي، بموافقة 110 نواب مع احتفاظ خمسة بأصواتهم واعتراض سبعة آخرين.
ولئن أثار القانون نفسهُ اعتراض جزء من نواب المعارضة والمنظمات المستقلة المختصة في الحوكمة ومقاومة الفساد، إلا أنّ الساحتين المالية والاقتصادية رحّبتا بقانونٍ رأتا فيه بيانا حكوميا يعكسُ رغبةً في تجاوز الركود الاقتصادي، ودفع حركة الاستثمار وخلق مواطن الشغل وإدماج القطاع الموازي، وإنهاء "مظلمة" مخالفات الصرف، وتمكين التونسيين للمرّة الأولى من مسك حسابات بالعملة الصعبة.
وقبل تفصيل بعض ما ورد في فصول القانون، لا بدّمن الإشارة إلى أنّ حكومة المشيشي وجدت نفسها في منطقة بين منطقتين، فإمّا أن تكسر البيضة وتقوم بتثوير بعض التشريعات الاقتصادية وتحمّل تكلفة ذلك، كبروز طبقة جديدة من المتمعّشين والمستفيدين، أو مواصلة العمل بالقوانين القديمة، وتأبيد حالة العطالة المتفشّية في مفاصل الدولة، لا سيّما مع تواصل الانكماش الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، فضلاً عن ارتفاع نسبة وفيات المؤسسات جراء الازمة الصحيّة وتراجع كلّ محركات الاقتصاد التونسي (الاستثمار، التصدير، الادخار،...)
كسر البيضة
وأمام حتميّة الاختيار، فضلت حكومة المشيشي كسر بيضة الخوف وتثوير منظوماتها التي يتفق الخبراءُ على أنّها باتت عبئا اقتصاديا وتشريعيا ذا كلفةٍ باهظة، لا يستجيب لمنطق التحولات الاقتصادية العالمية الكبرى. ولقد تضمّن قانون الإنعاش الاقتصادي جملة من الإجراءات الثورية فعلاً كتخفيف الضغط الجبائي على الشركات والمستثمرين والمطورين العقاريين، وإدماج الأنشطة والعملة المتأتية من الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية، ومقاومة التهرب الضريبي ودعم الشفافية، فضلاً عن إجراءات لترشيد تداول الأموال نقداً.
كما يوفّرُ هذا القانون للمواطنين الانتفاع من قروض بنكية للتملك بنسبة فائدة سنوية تقدر بثلاثة في المئة، تسدّد على مدة أقصاها 40 عاماً، مع عدم اشتراط توفير تمويل ذاتي بالنسبة إلى المسكن الأول، وهو ما يعتبر مطلباً أساسياً للباعثين العقاريين وسيمكن التونسيين من امتلاك مسكن بشروط مقبولة.
ومن الإجراءات المهمّة التي تضمنّها القانون، السماح لكل مواطن تونسي، بمسك أو فتح حساب بالعملة الأجنبية أو بالدينار القابل للتحويل بتونس، وهو ما يعد أحد أبرز المطالب التي رفعها عدد من التونسيين والمستثمرين لتسهيل العمليات التجارية او الشراءات من الخارج.
كما مكن الشركات من إعادة تقييم العقارات المبنية وغير المبنية التي تتضمنها موازناتها حسب قيمتها الحقيقية، وطرح الأرباح أو المداخيل المعاد استثمارها في رأس مال المؤسسات المصدرة كلياً، إضافة إلى تسوية المخالفات والجنح الديوانية للمؤسسات عبر الاقتصار على دفع عشرة في المئة من مبلغ الضرائب المتوجبة.
علاوة على ذلك، وضع القانون خط تمويل بثلاثة مليارات دينار على ذمة المؤسسات بشروط ميسرة وبضمان الدولة مما من شأنه أن يساهم في تجاوز المصاعب المالية والاقتصادية الراهنة وفي دفع النمو وتنشيط الاقتصاد، وإذ تهدفُ هذه الإجراءات إلى دعم المؤسسات التونسية، خاصة منها المصدّرة، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، فإنّها لم تغفل أيضا الاقتصاد الموازي، من خلال توفير حزمة إجراءات مهمّة كإحداث مساهمة تحررية قد تصل نسبتها إلى 20 في المئة توظف على المبالغ المتأتية من مداخيل وأرباح غير مصرح بها، أو مسك عملات في شكل أوراق نقدية أجنبية بتونس ومكاسب من العملات بالخارج من دون التصريح، شريطة إيداع المبالغ المذكورة بحساب بنكي أو بريدي.
تحوير جبائي...
ورغم أنّ الأنظار كانت تتطلّع إلى عملي تثوير حقيقية لقطاعة الجباية، إلا أن القانون الجديد اكتفى بإجراءات بسيطة كإسناد معرفات جبائية رأساً للأشخاص المخلين بواجب التصريح في الوجود، والتخفيض من ستة إلى أربعة أشهر في المدة القصوى المحددة لإجراء المراجعة الضريبية المعمقة، أو الرفع من ثلاثة إلى ستة في المئة في معلوم إسداء خدمة التسجيل المستوجب على العقود والتصاريح المتعلقة بنقل ملكية عقارات (الهبات والتركات)، واحتساب هذا المعلوم على أساس القيمة المحينة للعقارات المحالة.
كما اقترح القانون إجراءات جديدة لفائدة الجالية التونسية في الخارج، من أبرزها تمكينها من الانتفاع بالتسجيل بالمعلوم القار عوضاً عن المعلوم النسبي عند الاقتناء بالعملة الأجنبية للعقارات المعدة لممارسة نشاط اقتصادي واقتناء الأراضي. كما يقر القانون احتساب معاليم الجولان على السيارات المسجلة خارج البلاد، التي تم توريدها من قبل التونسيين بالخارج بشرط تجاوز مدة ثلاثة أشهر.
المهم والأهمّ
وههنا تجدرُ الإشارة إلى أن القانون كانت قد أعدته حكومة السيد إلياس الفخفاخ، قبل سقوطها، لتعيد حكومة المشيشي صياغتهُ وإدخال فصول جديدة عليه، لعلّ أبرزها هو وضع خطّ تمويل على ذمة المؤسسات التونسية.
ولقد رحّبت الساحتين المالية والاقتصادية بالقانون الجديد إذ رأت فيه مشروعا تثويريا يحمل أبعادا اقتصادية ومالية واجتماعية ومجتمعية تهدفُ إلى" إنقاذ الاقتصاد الوطني في ظل الصعوبات التي تواجهها البلاد"، حسب بيان منظمة الأعراف التي اعتبرت القانون " خطوة هامة على طريق تطوير التشريعات الاقتصادية والمالية وملائمتها مع تشريعات البلدان المتطورة، ومع الظروف التي تعيشها تونس خاصة جراء تداعيات أزمة فيروس كورونا، ويمثل أرضية مناسبة لتحسين المناخ العام للاستثمار والأعمال وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وجاذبية الوجهة التونسية، وسيساعد على المحافظة على ديمومة المؤسسات وعلى مواطن الشغل وخلق فرص عمل جديدة خاصة للشباب في كل الجهات والقطاعات".
كما سجلت المنظمة ارتياحها " بالخصوص لأهمية وضع خط تمويل بثلاثة مليارات دينار على ذمة المؤسسات بشروط ميسرة وبضمان الدولة مما من شأنه أن يساهم في تجاوز المصاعب المالية والاقتصادية الراهنة وفي دفع النمو وتنشيط الاقتصاد، وكذلك إقرار خط تمويل بشروط ميسرة وبدون تمويل ذاتي في مجال السكن مما يحسن المقدرة الشرائية في هذا المجال الحيوي ويفتح أبواب الأمل أمام التونسيين وخاصة الشباب في امتلاك مسكن".
هذا الموقف تردد صداهُ أيضا داخل الأوساط البنكية والمصرفيّة، ومع ذلك لم ينجُ القانون من الانتقادات رغم مصادقة المجلس عليه، إذ رأى بعض النواب في بعض فصوله (فيصل دربال، عضو لجنة المالية) خطوة إلى الوراء وتطبيعا مع منظومة غسيل الأموال، فيما اتهمت منظمة أنا يقظ الحكومة بتكريس المصالحة الجبائية مع المتهربين ضريبياً وإعطاء مشروعية لبارونات التهريب.
ومهما يكن من أمر، فإنّ القانون نفسهُ يعتبرُ "ثوريّا" و "مهمّا" في ظرفٍ جدّ حسّاس تمرّ به البلاد، خاصة أنّ المالية العمومية ما تزالُ تعاني مشكلات كبرى مع عجز مالي بلغ 11.4 بالمئة وانكماش اقتصادي 8.8 بالمئة في 2020، علما أن الانكماش بلغ في الربع الأول من العام الحالي نسبة ثلاثة بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. صحيحٌ أنّ الشياطين ستسعى إلى امتلاك إقامات فخمة داخل فصول هذا القانون الجديد، وصحيح أيضا أنّ بارونات الفساد ولورداته ستسعى إلى تحويل وجهة بعض الفصول لخدمة أجنداته، ولكن سيكون من الأصحّ أيضا أن نقول إنّ أيّ إنجازٍ سيسحبُ وراءهُ بعض الشوائب ومع على أجهزة الدولة الرقابية سوى أن تقتنص اللحظة وتقوم بواجبها على أفضل وجه.

من المؤكد أنّ ملفّ الهجرة النظامية يعدُّ أبرز الملفّات التي تدارسها الرّئيسُ التونسي قيس سعيّد مع المسؤولين الإيطاليين، خلال زيارة الدولة التي يؤديها إلى الجار الشماليّ، ومن المؤكد أيضا أنّه لا يمكنُ فصل الزيارة نفسها عن سياق زيارات المسؤولين الإيطاليّين الأخيرة إلى تونس لبحث ملفّ الهجرة غير النظاميّة أو "الحرقة" حسب التعبير الدّارج.
ومما لا شكّ فيه وبات أنّ الموقف التونسيّ بدأ يلين رغم إصرار رئيس الجمهوريّة على دعوة الطرف الإيطالي إلى اعتماد مقاربة شاملة تعوّض الاستراتيجيّة الأمنية المنتهجة حاليّا من طرف تونس وإيطاليا على حدّ سواء. صحيح أنّ مؤسسة رئاسة الجمهوريّة مازالت تطالبُ الجيران الشماليين بتعزيز جهودهم التنموية في تونس من خلال التشجيع على الاستثمار وخلق مواطن شغل خاصة في المناطق الداخلية، بيد أنّ الواقع يكشفُ عن تغير في سياسات تونس من قضيّة الهجرة غير النظامية، ولا سيّما قضيّة ترحيل المهاجرين. فمنذ العام 1995 كانت تونس ترفضُ قبول المرّحلين من الجانب الإيطالي، غير أنّ كلّ ذلك تغيّر منذ شهر جويلية من العام الفارط، إذ باتت تونس تستقبلُ المرّحلين بمعدّل مرّتين في الأسبوع.
أرقام مخيفة
وفي الواقع، تشهدُ تونس مؤخّرا موجة "حرقة" غير مسبوقة إلى السواحل الإيطالية، تشبهُ ما حدث بعد أحداث 14 جانفي 2011. فخلال الأشهر الأخيرة تم إحباط 303 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسةً، وفق أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كما شهد شهر ماي الفارط إحباط 95 عملیة اجتياز ومنع 2487 مجتازا من الوصول للسواحل الایطالیة. بالمقابل شهدت الأشهر الأولى من سنة 2021 تسجيل 2817 مهاجرا مقابل 685 مهاجرا سنة 2020. والظاهرة لم تعد تقتصرُ على الكبار والشباب فقط، فالتقاريرُ تشير إلى ارتفاع عدد القصّر في أوساط المهاجرين. كما لم يمنع انتشار جائحة كوفيد-19 الحالمين بالوصول إلى الضفة الشمالية للمتوسط من ركوب قوارب الموت وتحقيق أحلامهم في الرّفاه.
وفي الحقيقة، تشكّلُ الهجرة غير النظامية التي تلجأ إليها فئات عديدة، من التونسيين أو من المهاجرين المقيمين في تونس رفضا معلنا للوضع الاقتصادي المتردّي في البلاد وحركة احتجاجيّة تفاقمت بسبب اليأسُ من تغيّر الأوضاع المعيشية. ومن ثمّة تحوّلت قوارب الموت إلى حالة رفض لخيارات حكومية وسياسية فشلت في تلبية الحاجيات الأساسية للمواطن، ولم تراع وضعيّات الفئات الهشّة التي تعدّ الأكثر تضررا من تعليق النشاط الاقتصادي. وما انتشار ظاهرة "الهجرات العائلية" إلا تأكيد آخر على فشل الخيارات الاقتصادية المتبعة في تونس سواء قبل أزمة كورونا أو بعدها، وبالمثل يمكنُ تفسيرُ هجرة القاصرين، بمباركة من ذويهم، رغم أن رحلات كهذه غالبا ما تنتهي بمآسي.
ولنكن صريحين على الأقل مع أنفسنا، فخلال العشر سنوات الأخيرة، فقد الشبابُ الأمل في حياة كريمة، خصوصا بعد تبخّر أحلامهم في الحصول على وظيفة تضمنُ الحدّ الأدنى، مع ما يرافق ذلك من فشل في الزواج وتأسيس عائلة أو في الحصول على مكانة معتبرة داخل المجتمع، في الوقت الذي يتنازع فيه السياسيون كعكة السلطة، مديرين ظهورهم لمطلبيات الشعب التونسي، وخصوصا فئة الشباب، أي الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع.
مصبّات قمامة
بالمقابل يصطدمُ المهاجرون بموجة رفض أوروبّية واسعة، موجة تحوّلت بمرور السنوات، إلى استراتيجية أمنيّة "قمعيّة"، يمكنُ اختزالها في تصريح وزير الداخليّة الإيطالي، غداة لقائه برئيس الجمهورية قيس سعيّد، حين أشار إلى أنّه لا مجال لبقاء من يصل إلى إيطاليا بطريقة غير نظامية. وللتذكير، كان الاتحاد الأوروبيّ قد أعلن في العام 2018 عن اعتزامه إحداث مراكز لجوء خارج أوروبا، وتحديدا بتونس ودول أخرى مثل الجزائر والمغرب، قبل أن يتخلى على الفكرة تماما بعد الضغط الذي مارسته قوى المجتمع المدني في هذه الدول.
ولقد سبق الإعلان عن هذه الفكرة، قيام مسؤولين أوروبيين، وتحديدا الإيطاليين، بالترويج لخطابات عنصريّة تجاه المهاجرين التونسيين والأفارقة، من ذلك تصريح نائب رئيس الوزراء الإيطالي ووزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني، حين وصف المهاجرين القادمين من تونس بالمجرمين، قبل أن يتراجع عن تصريحاته في ما بعد. وكان من الواضح أن أوروبا تسعى إلى تحويل دول الضفة الجنوبية، وتحديدا تونس، إلى مصبّات قمامة ترّحلُ إليها من تشاء مقابل "الأعطيات" و"الهبات" الماليّة التي لا تغني أو تسمن من جوع.
هل تغيّرت المقاربة؟
وبعد تخليّ الاتحاد الأوروبي عن هذه الفكرة، قرّر منذ العام 2018 اعتماد سياسة بديلة لمعالجة أزمة الهجرة غير النظامية والتدفق المتواصل للاجئين على أراضي دول الاتحاد الأوروبي، تعتمد على جملة من المحاور من بينها:
أولا، تسريع ترحيل المهاجرين غير القانونيين والذين رُفضت طلبات لجوئهم، من خلال التشجيع على إبرام اتفاقيات ثنائية حول الهجرة أو على الأقل تجديد الاتفاقيات القائمة، وهذا الأمر حصل ويحصل مع تونس التي أبرمت اتفاقيات ثنائية مع ألمانيا وبلجيكا، وجددت الاتفاقيات القائمة مع كل من إيطاليا مؤخرا
ثانيا، فتح مزيد من الطرق القانونية للمهاجرين من أصحاب الكفاءات والطلبة ورجال الأعمال من خلال تسهيل منح تأشيرات الدخول لدول الاتحاد الأوروبي.
ثالثا، تعزيز السيطرة على الحدود الخارجية لمنطقة الأورو مع توفير التمويلات لتركيا ودول شمال أفريقيا لجهودها في إغاثة اللاجئين.
رابعا، اتخاذ إجراءات داخلية في دول الاتحاد الأوروبي تحول دون تنقل المهاجرين بين دول المنطقة.
خامسا، زيادة الاستثمارات في أفريقيا لمساعدة القارة على تحقيق «التحول الاجتماعي الاقتصادي»، ما من شأنه الحد من إقبال الأفارقة على الفرار إلى أوروبا.
سادسا، إحداث وكالة أوروبية لمراقبة الحدود، وهي مؤسسة ذات صبغة أمنية مكونة من 1500 أمنى مهمتها التدخل في الحدود البحرية الأوروبية لمنع تسلل اللاجئين، ويتجه دعمها وتسليحها حتى يصل قوتها إلى 10 آلاف رجل، وتعزيز صلاحياتها التي يمكن أن تصل حد التدخل ليس فقط في المياه الإقليمية الدولية لكن أيضا في المياه المحلية للدول التي تنطلق منها قوارب الهجرة غير النظامية.
ولن يكون من العسيرُ إثبات أنّ المقاربة الأوروبية غيّرت جلدها كالثعابين محافظةً على عمقها الأمنّ وتدعيمه عسكريّا مقابل رمي الفتات لدول الضفة الجنوبية، وأغلبها مناطق عبور لموجات بشرية قادمة من إفريقيا جنوب الصحراء أيضا، وضاربةً بحقّ الأفراد في التنقّل كما تنصّ على ذلك الأعراف والمواثيق الدوليّة.
سياسة العصا والجزرة
ولئن شدّد رئيس الجمهوريّة، قيس سعيّد، خلال لقائه بالوفد الإيطالي-الأوروبي على "ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وتوافقية في مجال الهجرة، ترتكز بالأساس على محاربة الفقر والبطالة، عبر دعم جهود التنمية في البلدان الأصلية، والتشجيع على الهجرة النظامية"، مضيفا في الآن نفسه "الحلول الأمنية وحدها ليست كفيلة للقضاء على الهجرة غير النظامية"، فإنّ الواقع يقولُ إنّ ما تقترحهُ أوروبا على تونس ينطوي على مخاطر كبرى، ناهيك عن اعتمادها منطقا استعلائيّا واضحًا، في التعامل مع بلدنا، وهذا ما يجب أن يتفطّن له المسؤولون في تونس.
فتونس لم تجن من اتفاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سوى الرّياح، بدءا بانهيار صناعاتنا الوطنيّة، وتحويل ما بقي منها إلى "طرف ثالث" يزود الصناعات الأوروبية بالمواد نصف-المصنعة، وفتح الأسواق أمام البضائع الأوروبية مقابل تشديد الخناق على صادراتنا الفلاحيّة تحت ضغط نقابات الفلاحين في إيطاليا وفرنسيا واليونان وإسبانيا، بالإضافة إلى الطمع الأوروبي الواضح في توسيع الشراكة لتشمل قطاعي "الفلاحة" و"الخدمات"، ما يهدّدُ ضمنيا الأمن القومي التونسيّ، وتحديدًا الأمن الغذائي. بالمقابل، ترفض أوروبا فتح أبوابها أمام المهاجرين، مفضلة "الهجرة الانتقائيّة"، ما ساهم في تفريغ تونس من ادمغتها، وتصرُّ على التعامل مع الأزمة الاقتصادية التونسية بمنطق الهبات والقروض الميسّرة، واضعة القيود أمام مؤسساتها للانتصاب في تونس، أو تحويل جزء من ديونها إلى استثمارات مباشرة، تمثّل بلا شكّ دفقة اوكسجين واضحة للاقتصاد التونسي.
وأوروبّا التي باتت تعاني بدورها من مخلّفات جائحة كورونا، لن تغيّر موقفها من اجل عيون قيس سعيّد وهشام المشيشي، بل هي ماضية في تنفيذ خططها البديلة، وهي خطط لا تقل خطورة عن خطط إحداث مراكز لجوء بتونس، بل إنها قد تكون أكثر خطورة وتأثيرا، معتمدةً سياسة العصا والجزرة، أي أنها تلقي لنا بالهبات والقروض، مقابل تحويل تونس إلى "شرطي" يحرسُ حدودها البحريّة.
ومن ثمّة على المسؤولين التونسيين ان يعوا جيّدًا مخاطر ما يفعلهُ الاتحاد الأوروبيّ بنا، فعمّا قريب، قد تستباحُ حدودنا البحريّة عسكريا تحت يافطة "مكافحة الهجرة غير النظامية"، وقد تفرض علينا خطط "تنموية" تصبُّ في صالح الاقتصاد الاوروبيّ المعطّل بدوره، وقد نجبر أخيرًا على التحوّل إلى مصبّ قمامة متوسّطي إذا ما واصلت تونس القبول بسياسة الترحيل المنتهجة من طرف إيطاليا.
صحيح أننا مع مقاربة شاملة لمكافحة الهجرة غير النظامية، لكننا أيضا مع منطق آخر يقول إنّ على تونس أن تنقذ نفسها من "العقدة الأوروبية"، أي عقدة الشريك الاستراتيجي الذي يتعامل معنا كحديقة خلفيّة مهملة أو مصبّ قمامة، ونشرع في التفكير، وبجدية بالغة، في تنويع شراكتنا والذهاب أكثر في اتجاه قوى اقتصادية صاعدة ومهمة، بل وأكثر إنسانية، على غرار الصين وروسيا والهند. وفي تقديرنا، استراتيجية كهذه هي الكفيلة بإعادة الرشد إلى الاتحاد الأوروبي وتذكيره بمبدأ بسيط تقومُ عليه أيّ شراكة حقيقية وهو النديّة في التعامل، ومن ثمّة تحقيق التكافؤ في الفرص والمخاطر على حدّ سواء.
تحدي القمح والشعير
رؤى للإصلاح... #شكشوكة تايمز الحلقة الثانية مع السيد #الهادي العربي
الدوري السوبر: الأندية المؤسسة ماضية بمشروعها بدعم قضائي
سعيّد: من يتحدث عن خرق للدستور كاذب ولن أتحول إلى دكتاتور
هل تحتاج تونس إلى «الديمقراطية» أم إلى «مستبد عادل»؟
منظمة الصحة العالمية: موجة وبائية رابعة في 15 دولة
قيس سعيّد: حريص على احترام الحقوق والحريات ولن أتنكر لما كنت أدرّسه لأجيال وأجيال
أيوب الحفناوي: الذهبية الأولمبية لم تأت بها الصدفة والملولي أسطورة بالنسبة لي
نهاية مرحلة وبداية أخرى.. الطريق إلى الجمهورية الثالثة!
العين الإماراتي يتعاقد مع المدافع الدولي التونسي ياسين مرياح
تدابير استثنائية.. "جدل ثلاثي" يعكس انقساما سياسيا في تونس
اتفاق مبدئي بين ريال مدريد ومانشستر يونايتد بشأن انتقال فاران
قيس سعيّد.. الكأس نصف ملآن أم فارغ؟
أسامة الملولي.. أسطورة السباحة التّونسي يطمح لإنجاز جديد في طوكيو
قيس سعيّد يطلق صاروخ "الفصل 80" من منصته!
أولمبياد طوكيو- تايكواندو: التونسي الجندوبي يتقلّد الفضة ويحرز أولى ميداليات العرب
اكتشاف حفرية "جد" تماسيح العصر الحديث في تشيلي
أولمبياد طوكيو: النور يبزغ على إحدى أكثر الألعاب جدلية في التاريخ
مجلس إدارة البنك المركزي يقرر البقاء في حالة انعقاد لانتظار مآلات قانون إنعاش الاقتصاد
البندقية تفلت من تصنيفها في قائمة اليونسكو للتراث المعرض للخطر