- أمام تفاقم الأزمة الصحية: بمن ستضحّي الحكومة التونسية أيضا؟ HeLEINCa أربعاء, 07/21/2021 - 21:59
- شباب تونس.. لماذا «يسألنا الرحيل»؟ HeLEINCa اثنين, 07/05/2021 - 22:49
- Subscribe to شكشوكة محرحرة
شكشوكة محرحرة

رغم ما أبدته عديد الدول الصديقة والشقيقة من استعداد فعلي وفاعل لمساندة تونس في مواجهة جائحة كورونا، لا يزال العمق الشعبي يترقّب تراجع عدد الإصابات وعدد من هم في حالة إنعاش وخاصّة عدد الوفيات عبر البلاد بأكملها، الذي تجاوز حدّ المئتين في الأيّام الأخيرة.
من الأكيد أن درجة الانضباط الشعبي بما هو بروتوكول التباعد الجسدي ليس على ما يُرام أو هي دون الحدّ المأمول، إن لم نقل مخيّبة للآمال، إلاّ أنّ خطاب السلطة المكلّفة بمواجهة هذه الجائحة لم يرق حدّ اقناع الناس بضرورة الامتثال، وثانيا، وهذا الأخطر، الصورة الحاصلة في ذهن الفرد تأتي أقرب إلى الارتجال والاضطراب منه إلى قيادة حازمة ذات قرارات حاسمة.
عندما تخرج الدكتورة نصاف بن عليّة وتعلن بكلّ بساطة أنّ المنظومة الصحيّة انهارت، فهي لا تعلم أنّ مهمّتها ليست اعلاميّة لتصرح بما هي حقيقة، بل هي جزء من آلة هدفها هزم الفيروس والقضاء عليه، أو على الأقل جعله في أدنى درجات الخطورة.
هل العلم عدوّ السياسة؟
منذ أسابيع لاحظ المراقبون وكذلك العمق الشعبي أنّ التضارب أصبح واضحا مثل فلق الصبح، بين اللجنة العلمية المكلفة بدراسة الوضع الوبائي في البلاد على ضوء اسقاطات تستقرئ المستقبل وفقا لما تملك الدولة من إمكانيات، من جهة، مقال القرار السياسي، أي السلطة التنفيذية من رئاسة حكومة ووزارة الصحّة، التي تتخذ القرار السياسي بناء على الرأي العلمي.
لم نر واليقين أمامنا، سلطة تنفيذيّة تستند وتستعين بلجنة علميّة، بل أخطر من ذلك :
أوّلا : لجنة علمية، تتعامل مع الإعلام في صورة الخليّة المستقلّة عن القرار السياسي.
ثانيا : سلطة تنفيذية عاجزة في الآن ذاته عن امتلاك جرأة اتباع قرارات اللجنة الطبية وأخطر من ذلك عاجزة عن تقديم البديل.
الحكومة أمام أمرين أحلاهما علقم شديد المرارة :
أوّلا : عجزها عن الذهاب بقرارات اللجنة العلميّة نحو التنفيذ، سواء لارتفاع الكلفة الاقتصاديّة وعجزها أو هو رفضها عن تحمّل الكلفة.
ثانيا : اليقين بأنّ العمق الشعبي عاجز عن تحمّل تكاليف هذه التضحيات، مع ما يعني ذلك من أبواب مفتوحة أو هي مشرّعة على أيّ انفلات اجتماعي، هو أقرب إلى شرارة حارقة بجانب مخزن بارود.
مثال ذلك أنّ السلطة عاجزة أو هي رافضة لمنع بيع الأضاحي لما تمثله عملية النقل والاختلاط من فرص لنقل الفيروس وبالتالي ارتفاع عدد الإصابات وصولا إلى ارتفاع عدد الضحايا، لأنّ هذه الحكومة تعلم أنّ نسبة هامّة جدا من مربّي المواشي يعولون على فرصة عيد الإضحى لبيع ما لديهم من أضاحي، وتحقيق دخل هم في أشدّ الحاجة إليه.
منع هذه الأسواق يستوجب من السلطة التنفيذيّة تعويض المربين خاصّة في هذا الفصل حين تراجعت أو انعدمت الأعلاف لديهم، وصارت أسعارها إلى ارتفاع شديد.
عجز الدولة ماليا عن توفير المساعدات الضروريّة للمربين وانعدام وسائل توزيع هذه المساعدات (في حال توفرها افتراضا) حين يشوب شبكة التوزيع ريب وشك، يجعل الدولة بين نار اللجنة العلميّة التي تقدّم نصائحها بناء على معطيات علميّة، مقابل رفض قطاع مربي الماشية الامتثال لقرارات منع أسواق المواشي، حين يؤكدون أنّ الإلغاء يمثل رصاصة في رؤوس جميعهم.
الارتجال وعدم الثبات
الارتجال وعدم الثبات والتعويل على حلول الترقيع، جميعها سمة المرحلة السياسيّة وليست حكرا عن سياسة الدولة تجاه جائحة كورونا أو قطاع تربية الماشية، الذي يعاني أصلا ممّا تعاني منه الفلاحة التونسيّة من اهمال منذ سنوات، لذلك من السذاجة الحديث عن حلول تمكّن من التغلّب على جائحة كورونا، دون وضع فلسفة الحكم موضع السؤال. ليس في علاقة برئيس الحكومة هشام المشيشي، على اعتبار أنّ الحكومة تتحمّل مسؤولية السياسات المتبعة، وأساسًا محاربة كورونا، بل وجب طرح إشكالية الحكم بكاملها :
أولا : يتمّ توظيف جميع الأزمات ضمن المعارك من أجل السلطة وداخلها،
ثانيا : عدم الفرز بين المسائل الاستراتيجيّة التي لا تحتمل المزايدات، مقابل الاختلاف على مستوى المقاربات التكتيكيّة.
التضحية بمن؟
منذ عشر سنوات على الأقلّ، نرى سيطرة لخطاب تغيير المسؤولين بسبب ما يُنسب لهم من فشل (على غرار الإقالة الأخيرة لوزير الصحة فوزي المهدي) دون التفكير لحظة :
أوّلا : إن كان الأمر فعلا يعني أو هو يتطلب تغييرا في طبقة المسؤولين.
ثانيا : كيف كان حال البلاد والعباد عند وصول هذا المسؤول وكيف كان الحال عند مغادرته.
فقط، ما نراه شيطنة لكل من هم في السلطة من قبل من هم خارج السلطة، عندما نرى (كما هو الحال راهنًا) إصرارا على إسقاط رئيس المشيشي رئيس الحكومة، على اعتباره مسؤولا عن الأزمة أو بالأحرى الأزمات القائمة والمتلاحقة، أو في أقلّها عدم قدرته على مجابهة هذه الأزمات، كأنّ القادم بعده، يمتلك وجوبا جميع مفاتيح الأزمة، وقادر على الانتقال بالبلاد من جهنّم إلى جنّات الخلد.
هو في الآن ذاته قرف بل خوف إن لم الرعب من الواقع وأكثر من ذلك من المستقبل القريب. إضافة إلى شبه يأس أو اليأس من تحسّن الأوضاع في القريب العاجل، على الاقلّ في ظلّ القيادات القائمة، ممّا يجعل الحلم بالتغيير والتضحية دون التأكّد من امكانيّة حدوثه أو ضمان أيّ تحسّن في الوضع..
إذا كانت الفتاة مرام المرزوقي دخلت تاريخ تونس من باب حصولها على معدّل عشرين على عشرين في امتحان الباكالوريا شعبة الرياضيات، إلاّ أنّها رسّخت في عقول التونسيين وطبعت في وعيهم صورة الطائر المحتجز في قفص ضيّق لا همّ له سوى الانعتاق، حين عبّرت بطريقة عفويّة جدّا، وكذلك في إصرار شديد عن حلمها في الهجرة ومغادرة البلاد.
الطفلة مُلكة بن سعيدة وإن كانت أقلّ شهرة من مرام المرزوقي، إلاّ أنّها سجّلت اسمها بأحرف من نار، حين كتب معلّمها رضا العرّامي على حسابه على موقع الفايسبوك :
«طوى الجزيرة (لامبيدوزا) حتى جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
تلميذتي الشاطرة ملكة بن سعيد تصل إلى السواحل الإيطالية رفقة توأمها وشقيقتها الصغرى
منذ أقل من أسبوع سلمتها دفترها وأثنيت على تميزها، بعد قليل عادت لتقبلني مودعة، خلته وداع العطلة الصيفية.
حاولنا قدر المستطاع أن نغرس فيهم حب الوطن لكنه لم يبادلهم الحب فهاجروا إلى أرض الله الواسعة».
هذه الفتاة هاجرت سرّا إلى إيطاليا مع عائلتها، مع ما يعنيه ذلك من ركوب البحر والمغامرة بالحياة، خاصّة عندما نتخيّل أبا يضع حياة ذريّته في ميزان الموت، عندما رمى بهم ورمى بنفسه بين أمواج البحر.
موسم الفرار إلى الشمال
أمام هذين المثالين، وغيرهما كثير، نفهم الأسباب التي جعلت البلاد التونسيّة تحتلّ المرتبة الثانية عربيّا، على مستوى هجرة العقول إلى الغرب، والحال - حسب الصورة التي يراها من هم خارج البلاد - أن تونس تأتي فاتحة الربيع العربي وأكثر من ذلك البلد الذي نجح - على أقلّ أفضل من التجارب الأخرى المماثلة - في تأسيس مسار انتقال ديمقراطي، لا يزال على الشكلي والبنيوي متواصلا ومستمرّا، لم ينقطع، وإن كان ترنّح عديد المرّات، ويبقى مهدّدا دائما بالارتداد إلى أسفل درك.
لا تأتي الأزمة على مستوى التوصيفات، بمعنى إن كان ما جدّ في البلاد ثورة أو هي انتفاضة وربّما تمرّد، أو كما يراها البعض مجرّد هبّة شعبيّة، أو في الذهاب إن لم نقل الغرق في دوامة الاتهامات والاتهامات المضادة، بل – فقط وحصرًا – الانطلاق من تشخيص بسيط، لا يحتاج إلى النقاش :
الغالبية الغالبة من شباب تونس لا حلم له سوى الهجرة، سواء الذي لم يكمل التعليم الابتدائي، وهو في حالة بطالة أو انقطاع عن العمل، وصولا إلى من الدكتور في الطبّ، الذي لا يرى لنفسه مستقبلا في هذه البلاد، سواء في مستشفيات القطاع العمومي أو حتّى في القطاع الخاص، إن استطاع إليه سبيلا.
الحَرقة تخلّف حُرقة
الأخطر من الحلم بالهجرة والسعي وراءها أشبه بمدمن على المخدرات في سعيه وراء حصّته اليوميّة، حالة عدم الاطمئنان المزمنة، وأخطر اعتبار الشاب وجوده في البلاد أشبه بعقوبة بالسجن، يودّ الخروج منه في أقرب فرصة ممكنة، سواء بالفرار بأيّ صفة كانت، أو هو الحطّ من التهمة والتمتّع بالسراح الشرطي.
لا ينقسم المشهد دائما، بين شباب يسأل الرحيل، مقابل آباء وأمّهات يرفضون هذا التمشّي، بل في نسبة غير هيّنة، ليس فقط العائلة على دراية وعلم برغبة الشاب في الهجرة سرّا إلى الضفّة الشماليّة للبحر الأبيض المتوسط، بل – وهنا الخطورة – هناك من الأمّهات من تبيع مصوغها بغية توفير المبلغ المطلوب مقابل حَرقة فلذة الكبد إلى الجنّة.
تعيش الدول وتنبني وتقوم على رموزها، ومن ثمّة يأتي تصريح أنجب النجباء، مرام المرزوقي التي بالأكيد وما يحتمل الجدل، تمثّل الأيقونة، التي ينظر إليها مجمل شباب تونس في صورة والمثال، ومن ثمّة عندما يرى يأسها والإحباط الذي تعيشه هذه الفتاة المثاليّة، يحسّ بإحباط أكبر وأقوى.
الحرقة شكل من أشكال الانتحار
عندما ننظر إلى يأس الشباب من بلدهم، فذلك يعني يأسا من النخب بصفة عامة والتي تدير شؤون البلاد بصفة أخصّ، ومن ثمّة يكون هذا الفرار دليل قطيعة بين الأجيال أو هو يأس جيل من الأجيال التي تكبره سنّا، أو بصفة أعمّ تلك التي تكبره سنّا، لأنّ الفرار يعني الهروب من وضع أو بالأحرى من سياسة أو هي سياسات.
إذا كان أصحاب الشهادات العليا من الاختصاصات المطلوبة في الغرب عموما ومن أوروبا الأقرب، لا يجدون صعوبة أو هي صعوبة أقلّ بكثير جدّا من العاطلين عن العمل، أو من أصحاب المهن غير المطلوبة عندم الرغبة في المغادرة، فإنّ الجميع غير متيقن من استطاعة التأسيس لحياة جديدة على الضفّة الأخرى، حيث نجح من كان عاطلا عن العمل في تونس واستطاع تدبّر أمره، في حين عجز أصحاب الشهادات العليا وحتّى الاختصاصات النادرة من التأقلم وإيجاد موطئ قدم لهم في هذا العالم الجديد.
من منطلق براغماتي بحت، نجد من يفكرّ – حتّى بين أصحاب الاختصاصات العلميّة – أنّ مغادرة أيّ شاب البلاد بأيّ طريقة، سواء كانت شرعيّة أو غير شرعيّة، يمثّل تخفيضا في عدد العاطلين عن العمل، سواء مباشرة لمن لا يعملون، أو شغور منصب شغل يحتلّه أحد العاطلين في حال كان المغادر ممن يحتل موطن شغل.
هذه القراءة الكميّة للبطالة، ترى كذلك أن نسبة كبيرة جدا من الشباب الذي يتدبّر أمره، يتوّلى إرسال المال – أيّ العملة الصعبة – إلى أهله، ممّا يجعله يتحوّل مصدر نفع لبلاده. يبقى هذا التشخيص عاجزا عن معالجة نواح أخرى للمعادلة، سواء تعلّق الأمر بالعاطلين من أصحاب المستوى الدراسي المنخفض أو أصحاب الشهادات العليا من خريجي الجامعات، أنّ البلاد التي تفقد الفئة العمريّة الأقدر على الإنتاج، خاصّة من أصحاب الاختصاص، تجد ذاتها أو ستجد يومًا صعوبة في انتداب عديد الاختصاصات.
مثل ذلك، أنّ الاختصاصات الطبيّة وشبه الطبيّة، تشهد طلبا كبيرًا راهنًا، ومن الصعب العثور في تونس على الأعداد الكافيات منها من أصحاب التجربة والقدرة على الإدارة بالعدد الكافي، ممّا يجعل هجرة العقول نزيفًا خطيرًا جدّا..
تحدي القمح والشعير
رؤى للإصلاح... #شكشوكة تايمز الحلقة الثانية مع السيد #الهادي العربي
الدوري السوبر: الأندية المؤسسة ماضية بمشروعها بدعم قضائي
سعيّد: من يتحدث عن خرق للدستور كاذب ولن أتحول إلى دكتاتور
هل تحتاج تونس إلى «الديمقراطية» أم إلى «مستبد عادل»؟
منظمة الصحة العالمية: موجة وبائية رابعة في 15 دولة
قيس سعيّد: حريص على احترام الحقوق والحريات ولن أتنكر لما كنت أدرّسه لأجيال وأجيال
أيوب الحفناوي: الذهبية الأولمبية لم تأت بها الصدفة والملولي أسطورة بالنسبة لي
نهاية مرحلة وبداية أخرى.. الطريق إلى الجمهورية الثالثة!
العين الإماراتي يتعاقد مع المدافع الدولي التونسي ياسين مرياح
تدابير استثنائية.. "جدل ثلاثي" يعكس انقساما سياسيا في تونس
اتفاق مبدئي بين ريال مدريد ومانشستر يونايتد بشأن انتقال فاران
قيس سعيّد.. الكأس نصف ملآن أم فارغ؟
أسامة الملولي.. أسطورة السباحة التّونسي يطمح لإنجاز جديد في طوكيو
قيس سعيّد يطلق صاروخ "الفصل 80" من منصته!
أولمبياد طوكيو- تايكواندو: التونسي الجندوبي يتقلّد الفضة ويحرز أولى ميداليات العرب
اكتشاف حفرية "جد" تماسيح العصر الحديث في تشيلي
أولمبياد طوكيو: النور يبزغ على إحدى أكثر الألعاب جدلية في التاريخ
مجلس إدارة البنك المركزي يقرر البقاء في حالة انعقاد لانتظار مآلات قانون إنعاش الاقتصاد
البندقية تفلت من تصنيفها في قائمة اليونسكو للتراث المعرض للخطر