
في جرد وفق أرقى المقاييس العلميّة، ينطلق من الاجتماعات الأولى والارهاصات المؤسّسة لما هي «الجماعة الإسلاميّة» في أواسط سبعينات القرن الماضي، مرورا لما صار «الاتجاه الإسلامي»، وصولاً إلى «حركة النهضة» في شكلها الحالي، وفي يوم الناس هذا، يكون اليقين أنّ هذا «الفصيل الإسلامي» لم يمارس عنفًا (لفظيّا) على مدى خمسين سنة، مثلما ما هو قائم من «هجوم» على قدر كبير من الشدّة والغلظة والعنف، تجاه رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد...
حرب إفناء
سواء صدّقنا بوجود «الذباب الأزرق» يتحرّك وفق «تعليمات» وما هي «الخطط» المرسومة، أو على عكس ذلك هي مجهودات تنفذها «القواعد» ومجمل المنتمين والمحبّين والمتعاطفين، الذين يمارسون (فرادى ودون تنظيم) حقّهم في التعبير على وسائل التواصل، كلّ وفق ما يمليه ضميره، فإنّ حجم الهجوم بلغ ليس فقط التشكيك في نوايا الرجل ومرجعياته الفكريّة والايديولوجيّة، بل وصل حدّ الطعن والتشكيك في مداركه العقليّة، وما يعني ذلك وجوب «الحجر» وبالتالي «تخليص البلاد والعباد» من شروره.
أشبه بالجيش المنظّم وفق خطّة عسكريّة محكمة، شارك (ويشارك) في هذه «الحرب» النكرات الذين لا سبيل للتثبّت من هوياتهم أو إدراك من يقف وراء الاسم والصورة، كما أدلت «نخب» النهضة بدلوها، في عنف وشدّة ورغبة في الإقصاء لم تمارسها «النكرات».
لسائل أن يسأل عن أسباب هذا العنف الذي لم تعامل به النهضة، لا الحبيب بورقيبة الذي رفض راشد الغنوشي(على قناة الجزيرة) الترحّم عليه، ولا تجاه زين العابدين بن علي الذي أذاقهم مرّ العذابات وشرّدهم في المنافي والشتات، والحال أنّ «التفاعل» بين قيس سعيّد والنهضة أو بالأحرى راشد الغنوشي لا يزال (حدّ الساعة على الأقلّ) يتمّ وفق آليات التعامل السياسي وعلى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، رغم بلوغ الخطاب حدّا من العنف المبالغ فيه.
سباب بعد الغرام
وجب التذكير أنّ زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي قد أعلن صراحة وعلنًا وطلب من قواعده التصويت لفائدة قيس سعيّد، في المواجهة التي جمعت هذا الأخير بمنافسه نبيل القروي في الدور الثاني للانتخابات الرئاسيّة لسنة 2019، مع التأكيد أنّ جزء غير هيّن من قواعد حركة النهضة، إن لم نقل جميع من ينعتون قيس سعيّد بأشدّ النعوت عنفًا راهنًا، هم من شكلوا جانبًا ممن جعلوه يحوز 72 في المائة من الأصوات.
انقلب الحال وتغيّرت التحالفات : حركة النهضة تحالف قلب تونس رغم إعلان راشد الغنوشي على «قناة الزيتونة» استحالة التحالف مع هذا «الحزب الفاسد». لفهم هذا «الانقلاب» الذي انتقل من «موالاة» في الدور الثاني من الرئاسيات إلى عداوة قاتلة لا هوادة فيها، وجب التذكير بما يلي :
أوّلا : قيس سعيّد لا يقف ضمن الصفّ «الحداثي ـ العلماني ـ الديمقراطي ـ الوسطي ـ الدستوري» الذي اعتادت النهضة عداوته ومواجهته (عبر تاريخها)، وهي التي أعدّت خطابها على أساس هذا الخطاب المعادي، بل يمكن الجزم أنّ جزءا غير هيّن من أسباب اللحمة الجامعة لهذه الحركة قائم على «تهويل» ما يسمّى «الأخطار الخارجيّة». قيس سعيّد على مستوى الخطاب يسوّق «خطابا دينيّا» (إسلاميّا) صارمًا (في مسألة الإرث مثلا) أقرب (وهنا الخطورة) إلى «الجماعة الإسلاميّة» الشكل البدائي للحركة، حيث «الأخلاق» ليس فقط سابقة للممارسة السياسيّة، بل شرطا للممارسة، والحال أنّ النهضة عامّة والغنوشي خاصّة، ليس فقط غادر مرتبة «الأخلاق الاسلاميّة الحميدة»، بل يركّز من خلال الخطاب والممارسة بأنّه «براغماتي» قادر على الجلوس على تقاطع يمكّنه من اللعب مع الجميع، على عكس قيس سعيّد الذي قلب «أداء اليمين» من مجرّد «فعل بروتوكولي» إلى جزء مؤسّس بل عليه يقوم الإيمان في بعده الديني المباشر.
ثانيا : أنجز المواطن/الفرد قيس سعيّد في فترة قصيرة جدّا، ما عجزت عن فعله «ماكينة» النهضة في عشرات السنين، بل تحدّى الرجل في لحظات (منذ الحملة الانتخابيّة) ما استبطنت النهضة أنّه «قدس الأقداس»، لا يجوز المسّ به أو الاقتراب منه، مثل التطبيع ومقاومة الفساد.
النهضة في التسلّل
لا يزال قيس سعيّد رغم الفترة التي قضاها جالسًا على كرسي الرئاسة في قرطاج، يتصرّف بمرجعيّة الفرد المضبوط بمرجعيته الأخلاقيّة وما يرى أنّه حسّه الوطني، في حين تحوّلت النهضة إلى «ماكينة» تفكّر وتتصرّف وفق قواعد السوق، لا يزعجها شتم نبيل القروي اليوم ووصمه بأقذع النعوت، لمعاودة التحالف معه لاحقًا والدفاع عن براءة الرجل، بل والجزم بها.
"لوح" و "حديد": قصة حب تونسية تصنع المشاريع وتتحدى الصعاب
يوشيرو موري يعلن استقالته من رئاسة اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو
الوسلاتي: الانتخابات في موعدها.. الوحيشي الأقرب لخلافة اليعقوبي وملفات اليونسي لم تعد أولوية
السلالة الجديدة من فيروس كورونا في الأمازون معدية أكثر بثلاث مرات من السلالات الأصلية
لماذا تتخفّى النهضة وراء المشيشي؟
من هو الوزير الخامس الذي يصرُّ سعيّد على استقالته؟
خشب الخلنج في طبرقة كنز صانع الغليون الوحيد في تونس
المدير العام لشركة "السوناد": التزود بالمياه في تونس أصبح أكثر صعوبة بفعل تواتر فترات الجفاف
مونديال الأندية: تيغريس يقف بين بايرن ميونيخ وبين السداسية في موسم واحد
كلّ يعتصر من الدستور ما شاء من الفتاوى
ليبيا تقطع الخطوة الأولى في اتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية
ما بات يعرفه المشيشي: انتهت حلول الخبراء، والأمرُ متروك لـ.. الاستقالة!
ليبيا.. ذلك الجار المنسي!
مسلسل تلفزيوني عن العائلة المالكة السويدية بعد نجاح "ذي كراون"
البريمرليغ: مهمة شبه مصيرية لليفربول بمواجهة مانشستر سيتي
لماذا لا يتحرك القضاء التونسي للبتّ في الجرائم الانتخابية؟
الانطلاق في شحن 90 مليون جرعة من لقاح كورونا لإفريقيا في فيفري
أين القضاء في حرب السياسة بسلاح الفساد ؟
مانك يتصدر السباق لجوائز غولدن غلوب والمخرجات في الواجهة
التونسيون بين ترقب وارتياب بانتظار وصول لقاح كورونا