- قيس سعيّد.. بين الإنكار المتبادل، المنكر المشترك والنكير القادم HeLEINCa اثنين, 07/12/2021 - 22:59
- Subscribe to تقديرموقف
تقديرموقف

لم تفهم الطبقة السياسيّة بكاملها بعد، أو هي لم تستوعب أصلاً، وصول قيس سعيّد إلى قصر الرئاسة بقرطاج، بل أوسع من ذلك، لم تعِ بعد مرور الثنائي قيس سعيّد ونبيل القروي إلى الدور الثاني، وكلاهما من خارج سياقات الطبقة السياسيّة التقليديّة، بمعنى التي شاركت في نحت الواقع السياسي، على الأقلّ منذ 14 جانفي 2011، أنّ نتيجة الدور الأوّل لا تعدو أن تكون سوى كشف لعورة كل منهم على الملأ..
الصدمة
رغم التباين الواضح والتعارض الصريح إن لم نقل التناقض بين من استطاعا المرور إلى الدور الثاني، مثّل كلاهما الفرصة الأخيرة بالنسبة لخصوم الأخر، ومن ثمّة نسبة غير قليلة ممّن صوّت في الدور الثاني، لم يفعل ذلك من باب القناعة والإيمان وخصوصًا الثقة في أيّ من المرشّحين، بل كانت مجرّد (في أغلب الحالات) رغبة في سدّ الطريق أمام المرشّح المقابل.
يدين قيس سعيّد بنسبة 73 في المائة التي نال بها رئاسة الجمهوريّة إلى صورة الناسك التي صنعها لنفسه، سواء عبر ظهوره عديد المرّات على شاشات التلفزيون، ورسّخها منذ اليوم الأوّل لترشحه، التي جعلته يبدو نقيض الطبقة السياسيّة بكاملها.
حسب الجميع أو هي الأغلبيّة أن جبهة الصراع التي رسمها الدور الثاني، ستستمرّ وتترسّخ بعد ظهور نتائج الانتخابات، ومن ثمّة أنّ قيس سعيّد سيستند في حكمه إلى العمق الشعبي ومن ورائه الأحزاب التي ساندته للفوز بالنتيجة التي حصل عليها. لكن سرعان ما تبيّن أنّ الرجل لم يكن على وعي بأنّ الأصوات التي حصل عليها لم تشكّل ذلك الصكّ على بياض المفتوح (على الأقلّ) لفترة رئاسيّة بكاملها، بل مجرّد عقد تبادل منافع لا غير، ينتفي بانتفاء الأسباب التي دعت لوجوده. غياب هذا الوعي بطبيعة هذا العقد لدى قيس سعيّد، رسّخ يقينًا لديه بأنّه يجلس على رأس الهرم الأعلى وصاحب الشرعيّة الأعظم، دون التفكير مجرّد لحظة في أيّ من درجات الأخرى لهذا الهيكل الذي نسجه في دماغه، ليقينه بعدم الحاجة إلى أيّ من البنى الجاهزة التي قامت خاصّة بعد 14 جانفي 2011. أيضًا رفض الرئيس هذه البنى جهرًا وعلانيّة، بل طعن في شرعيتها، معربًا عن رغبته في تحطيمها وتعويضها بأخرى يتمّ تشييدها من الأسفل نحو الأعلى..
الحاكم بأمره
لم يشعر قيس سعيّد أو لم يعبّر مرّة عن اقتناعه بما هي القسمة التي أقرّها دستور 2014 بين السلطات الثلاث، والتي على أساسها يجلس (هو) على سدّة الحكم، بل أراد الاستناد (فقط) إلى المصعد الذي وصل به إلى أعلى منصب في البلاد، وفي الآن ذاتها التخلّص (وإن كان اعتباريّا) من الشرعيّة (الدستوريّة) التي وصل بها. لذلك عمل ولا يزال وقد رفع من سرعة الفعل، على تفكيك الشرعيّة الدستوريّة، أو على الأقلّ تفكيك الشرعيّة التي يجلس عليها خصومه، مستعيضًا عنها بشرعيّة مركّبة، بين (ما يراه) من أحقيّة الجلوس على عرش قرطاج، معطوفا عليها قدرته أو بالأحرى انفراده بالقدرة على الإصداع بالحقّ..
لم يغادر عقل قيس سعيّد فترة ما قبل الانتخابات، حين لا يزال يستعيض عن الفعل [بمعنى الممارسة واتّخاذ القرارات الفعليّة والفاعلة] بالخطابات التي تبحث عن الإقناع بذاتها (أيّ قدرة الخطابة وما يراها تملك من طاقة على بثّ الحماسة). أيضًا، لا تزال جميع خطاباته تستعيض عن ذكر الفاعلين [الذين يعاديهم] بالإطناب في تعداد أفعالهم التي يراها مشينة، دون أن يغفل أبدًا عن التذكير بحتميّة تحقيق النصر، وإلحاق الهزيمة النكراء بهؤلاء المذنبين.
غياب الفعل
لا يملك قيس أي وعي (بالمفهوم الحسّي للكلمة) بأنّ الاستمرار أو هو الغرق في الخطابات الرنّانة عوض اتخاذ القرارات الملموسة، معطوفًا على ذلك إصراره على التحليق في سماء الأخلاق، دون أدنى جرأة على الإشارة إلى أعدائه، فعل جيّد وعظيم التأثير، في حال تمّ اللجوء إلى هذا التكتيك دون اكثار وفي فترات جدّ متباعدة. على عكس ما يفعله راهنًا، حيث بدأ يؤدّي هذا الإدمان المزدوج إلى نتيجة نقيض المطلوب منه، ليس فقط لدى خصومه ومن يرفضون وجوده، بل (وهنا الخطورة) لدى أقرب الدوائر المحيطة به، بدليل عدد الاستقالات المرتفع جدّا، ضمن الفريق الرئاسي. دون إغفال العجز المتزايد لدى قواعده على تبرير هذا الإدمان على الخطب الرنّانة.
نزول قيس سعيّد من عرش رئيس جميع التونسيين إلى مستنقع العراك الذي لا ينقطع، جعله (الإنسان والمؤسّسة والرمز) ينقلب إلى مجرّد طرف ضمن حرب استنزاف استنفذت من رصيده الاعتباري الكثير، وكذلك قلّصت من العمق الشعبي المساند له، أو في عدد من لا ينظرون إليه (على الأقل) في صورة سيّئة...
في خضم هذه الصراعات المتداخلة مع أطراف عديدة متقلّبة هي الأخرى، يجد قيس سعيّد ذاته محرومًا من سلاح «المناورة» على الأقلّ بالدرجة التي يمتلكها خصومه، بل يمكن الجزم أنّ الرجل قد تخلّى عن أسلحة عديدة طواعيّة وعن طيب خاطر، حين جعل المراوحة السياسيّة في نظره، والتي يسير وفقها، لا تملك بأيّ صفة كانت، وقد أكّد الرجل ذلك، أيّ تراوح بين الحدّين الأقصى : بياض ناصع جدّا مقابل أسود شديد القتامة.
بين الظاهر والباطن
من ذلك لا يمتلك قيس سعيّد أي قدرة على فهم أو تقبّل أيّ درجة بين الحديّن الأقصى، وبالتالي لا معنى لأيّ حوار معه، لأنّه لا يرى «المعركة/الصراع» بأيّ صفة كانت خارج بياض [أي النصر وإخضاع الطرف المعادي]، مقابل سواد [أيّ الاستشهاد، والارتقاء من موقع الرئاسة إلى مرتبة الرمز التاريخي].
لا معنى لأيّ فعل سياسي لدى الرجل خارج ما يدور في دماغه، ومن ثمّة هو لا يشاهد الوضع القائم ولا يتولّى تحليل الأحداث، بقدر ما هو يقوم بإسقاط الصور الذهنيّة التي صنعها دماغه لتحتلّ مكان الواقع أو هي تصير الواقع (الجديد)، لذلك نرى أنّ قبوله الحوار يأتي دائمًا مشروطا بإقصاء أطراف منه، حين يرفض عقله (الباطن) أيّ حوار، ويتولّى عقله (الظاهر) افراغه من محتواه قبل الانطلاق..
رغم ذلك، يبقى قيس سعيّد لاعبا هامّا ضمن المشهد السياسي التونسي، متكلا قبل أي شيء أخر على عجز حلف الخصوم القائم ضدّه عن الوصول إلى الحدّ الأقصى في محاربته، لأنّ هذا الطيف، وإن كان يكنّ كرها مقيتًا للرجل، أساسًا لأنّه يرفض قواعد اللعبة المنصوص عليه عبر فصول دستور 2014، والتي على أساسها تدور المباراة السياسيّة بين خصوم يعادون بعضهم البعض، إلاّ أنّه لا يتخيّل ولن يقبل وسيعمل على افشال الشريك (الحالي) في هذه الحرب حين يحين الاختيار، بالانتخابات أو غيرها، لأنّ جميع يعتبر قيس سعيّد أقلّ خطرًا (على المستوى الاستراتيجي) من حليف اليوم الذي سيتحوّل (كما كان في السابق) عدوّ الغد..
إنكار مزدوج
هذا العداء النائم لا يتنافى مع العداء المقيت المشترك لهذا الرجل الذي أعلن وأكد على وجوب التخلّص من دستور 2014 الذي يمثّل القانون الذي يشترك هذا الطيف في القبول به، ومن ثمّة لا يتخيّل الجميع أنفسهم خارج هذا اللعبة أو دون قواعد تبرّر الوجود (أمام الداخل كما الخارج) وتشرّع القرارات التي يتّخذونها.
أيضًا، يمثل مجرّد وصول قيس سعيّد وجلوسه على سدّة الرئاسة، وصمة عار في وجه هذه الطبقة برمّتها، حين عجزت هذه الكيانات، رغم ما تدّعي من عمق تاريخي ومسيرة سياسيّة وتراكم نضالي، لا يملك قيس سعيّ أيّا منها البتّة، عن منعه من الوصول إلى رأس الدولة.
من ثمّة يأتي التخلّص من هذا «الدخيل» فرصة لمداواة الذات لدى طبقة سياسيّة برمتّها، تريد وتعمل ولن تستريح قبل غلق ملفّ هذه الفضيحة التّي عرّت «فقرًا» (مدقعًا لدى البعض) روجوا له منذ ستينات القرن الماضي في صورة الإرث التاريخي.
هو إنكار مزدوج ومتداخل:
قيس سعيّد يريد إنكار هذه الطبقة السياسيّة بكاملها والاستعاضة عنها بما يرى أنّها ديمقراطيّة البناء من الأسفل.
طبقة سياسيّة تريد إنكار قيس سعيّد (الرجل، الرمز) على اعتباره كبوة حصان استردّ بعدها الفارس السيطرة كاملة.
تحدي القمح والشعير
رؤى للإصلاح... #شكشوكة تايمز الحلقة الثانية مع السيد #الهادي العربي
الدوري السوبر: الأندية المؤسسة ماضية بمشروعها بدعم قضائي
سعيّد: من يتحدث عن خرق للدستور كاذب ولن أتحول إلى دكتاتور
هل تحتاج تونس إلى «الديمقراطية» أم إلى «مستبد عادل»؟
منظمة الصحة العالمية: موجة وبائية رابعة في 15 دولة
قيس سعيّد: حريص على احترام الحقوق والحريات ولن أتنكر لما كنت أدرّسه لأجيال وأجيال
أيوب الحفناوي: الذهبية الأولمبية لم تأت بها الصدفة والملولي أسطورة بالنسبة لي
نهاية مرحلة وبداية أخرى.. الطريق إلى الجمهورية الثالثة!
العين الإماراتي يتعاقد مع المدافع الدولي التونسي ياسين مرياح
تدابير استثنائية.. "جدل ثلاثي" يعكس انقساما سياسيا في تونس
اتفاق مبدئي بين ريال مدريد ومانشستر يونايتد بشأن انتقال فاران
قيس سعيّد.. الكأس نصف ملآن أم فارغ؟
أسامة الملولي.. أسطورة السباحة التّونسي يطمح لإنجاز جديد في طوكيو
قيس سعيّد يطلق صاروخ "الفصل 80" من منصته!
أولمبياد طوكيو- تايكواندو: التونسي الجندوبي يتقلّد الفضة ويحرز أولى ميداليات العرب
اكتشاف حفرية "جد" تماسيح العصر الحديث في تشيلي
أولمبياد طوكيو: النور يبزغ على إحدى أكثر الألعاب جدلية في التاريخ
مجلس إدارة البنك المركزي يقرر البقاء في حالة انعقاد لانتظار مآلات قانون إنعاش الاقتصاد
البندقية تفلت من تصنيفها في قائمة اليونسكو للتراث المعرض للخطر